البورصة فى حاجة إلى سيولة ضخمة
8/26/2010 1:01:34 PM
القاهرة - اقترحت وزارة الاستثمار بديل البيع من خلال البورصة بعد توقف البيع المباشر للأصول والشركات من خلال المستثمر الرئيسي ، هذا الأخير الذي اثبت بصورة عامة فشلة سواء من خلال المشكلات التى نتجت بعد البيع مع العمالة أو حتى من خلال أداء الشركات بتراجع وتوقف بعض الأنشطة.
وقد اجمع على نجاح أى أصل من أصول الدولة أو شركة من الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام مرتبط بمنظومة ثلاثية هي الشفافية والسعر المناسب للسهم والإدارة الجيدة للشركة.
ويرى الخبراء إن إعادة الثقة لدى المتعاملين في البورصة مرة أخرى كأداة مهمة من الأدوات الاستثمارية الناجحة لاسيما بعد الخسائر التي سجلها الأفراد فى السنوات الأخيرة وان إعادة الثقة لا تتم إلا من خلال تفعيل الشفافية والإفصاح فى البورصة .
ويرى د .سمير رضوان خبير أسواق المال إن السوق حاليا تعانى من سيطرة المضاربين والمستثمرين عليه نتيجة تراجع أسعار معظم الأسهم التي فى حيازتهم ومن ثم يقتضى الأمر قبل أن نفكر في طرح أسهم جديدة سواء تابعة لقطاع الأعمال العام أو غيره أن نقوم أولا بتصحيح الأوضاع الخاصة بالبورصة بهدف إعادة الثقة مرة أخرى للمتعاملين بالسوق .
ومن الإجراءات المهمة اللازمة لإعادة الثقة أن تستعيد لجنة مراقبة الأسعار دورها السابق والذي يعتمد على إحداث توازن فى أسعار الأسهم هبوطا وارتفاعا وان تتناسب أسعار هذه الأسهم مع العوائد المحققة لها سواء سنوية أو نصف سنوية ولابد من أن نؤكد حقيقة مهمة وهى أن القيم السوقية للأسهم لابد وان تتناسب مع أسعارها فى البورصة أو سوق التداول وهذا لا ينطبق فقط على أسعار أسهم الشركات فى البورصة ولكن ينطبق على الاستثمار فى أى أصل من الأصول سواء كانت ثابتة أو متداولة فمن خلال العائد يمكن تحديد قيمة الأصل أو قيمة الورقة المالية.
ويضيف د .رضوان قائلا : انه لاشك فى أن الفجوة بين القيم السوقية وبين عوائدها ازدادت اتساعا خلال الفترة الأخيرة حتى وكأنه يبدو انه لا علاقة للقيم السوقية لأسهم الشركات بالشركات ذاتها وكأنهما شيئان منفصلان ولذلك لكى نعيد الثقة مرة أخرى لدى جمهور المتعاملين والمستثمرين فى البورصة والفارين منها بفعل الخسائر الجسيمة التى لحقت بهم من تعاملاتهم فى البورصة.
ويؤكد د رضوان إن هناك تباينا واضحا بين أسعار الأسهم فى البورصة وبين عوائدها المحققة فعلى سبيل المثال سهم البنك التجاري الدولي انخفضت فيه نسبة العائد إلى 3.3 % وهذا أمر غير متصور لاسيما أن العائد الخالي من المخاطرة المتمثل فى فوائد البنوك لا يقل عن 10 % فمن غير المنطقي أن يكون العائد فى إحدى المؤسسات العريقة والتي تموج بعناصر المخاطرة أدنى بكثير من العائد الخالي من المخاطرة فهذا يعنى عدم كفاءة السوق لان الأسواق ذات الكفاءة العالية نجد أن القيمة السوقية فيها تعكس حقيقة المراكز المالية للشركات وقدرتها على تحقيق الأرباح وهناك مثال آخر خاصة بالشركة المصرية القابضة الكويتية والتي يصل فيها العائد إلى نحو 1.8 % وهو أيضا عائد لا يتناسب مع العائد الخالي من المخاطرة.
ولاشك أن طرح الأسهم على قطاع عريق من المستثمرين أفضل كثيرا من استحواذ قلة من المستثمرين على أسهم وشركات قطاع الأعمال العام فحينما تستحوذ فئة قليلة على السوق بحيث تكون قوى في توجيهات الأسعار فان هذه السوق تفقد قدرتها على تحقيق النمو العادل وليس هناك ما هو أدل على ذلك من أننا في وقت ما كان الأجانب يسيطرون على ما يقرب من 78 % من حجم السوق فان تركيز الملكية في يد فئة محددة من شانه تركيز الاستثمار على فئة محدودة لذا فان أؤيد طرح أسهم وملكية الدولة للاكتتاب العام كأسلوب أفضل من بيعها لمستثمر رئيسي على أن تسبق ذلك إعادة تصحيح لهذه الأسعار حتى تعيد لهذه السوق مكانتها بين الأسواق الأخرى.
ويطالب د .رضوان أيضا بعدم إعفاء الأرباح الرأسمالية الناتجة من المضاربات في الأسهم من الضرائب ، بل ينبغي أن نشجع المستثمرين على التعامل في السوق على أساس أنها سوق للاستثمار المتوسط الأجل وليست سوقا للمضاربة وفرض هذه الضريبة يحد بصورة كبيرة من هذه المضاربات.
أما احمد حسان المستشار بمجلس الدولة والمستشار القانونى لوزارة الاستثمار فيرى أن البيع من خلال البورصة أو عن طريق الاكتتاب العام أسلوب تم تطبيقه فى بدابة تنفيذ برنامج الخصخصة واجتذب مما لاشك فيه قاعدة كبيرة من المتعاملين وكان الهدف بداية من تنفيذ البرنامج هو توسيع قاعدة الملكية من خلال هذا الأسلوب ولكن يجب أن نعترف بان هناك بعض الحالات التي اتسمت أسعار أسهمها بالمغالاة وبالتالي الحكومة حققت مكاسب على حساب المستثمر العادى البسيط وبالتالي فقد المستثمر الثقة فى طروحات الحكومة وهى من أهم العوائق التى تمنع نجاح اى طرح من الطروحات الجديدة ففكرة التقييم فكرة بسيطة جدا تعتمد على مضاعف الربحية وكانت تشكل لجنة رباعية تساهم فيها الجهات الرقابية فى الدولة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وبالتالى يتم تسعير السهم بقيمة حقيقة عادلة ولا يغرر بالبسطاء من المساهمين وبالتالى لا يجرؤ احد على الطعن فى هذا التقدير أو التسعير للأسهم.ويضيف حسان قائلا : إن هناك عدة أمور لابد أن تراعى أيضا عند طرح الشركات منها هل سيقبل المستثمر المساهم الإدارة الحالية لقطاع الأعمال ويقوم بشراء أسهم فى هذه الشركة ؟ أم لا لابد أولا من تغيير الإدارة أو تغيير فكرها وان تدار بأسلوب وفكر القطاع الخاص؟
فلاشك إن الإدارة والتقييم والخطط المستقبلية من العوامل التى تحدد سعر السهم من ناحية ومدى نجاح الطرح والإقبال عليه من ناحية أخرى .أما ناصف نظمى رئيس بورصة الأوراق المالية سابقا فيقول إن البورصة المصرية تتميز بوجود بضاعة جيدة ولكن لا توجد سيولة كافية فالسيولة مختزنة لدى المواطنين فمعظم المتعاملين خائف أن يغامر بأمواله لاسيما بعد الانخفاضات التي شهدتها البورصة فى العامين الماضين .
ويضيف قائلا : إن البضاعة الموجودة حاليا جيدة وتشمل العديد من القطاعات الواعدة سواء اتصالات أو بنوكا أو أغذية ومع ذلك يوجد عزوف من جانب المستثمرين ومن ثم لابد أن ننشط التداول فى البورصة بإعادة الثقة مرة أخرى لجمهور المتعاملين حتى نضمن الجذب والإقبال المناسب على أى بضاعة جديدة وان البضاعة الجديدة لن تكون أفضل من الموجودة حاليا فى السوق.
أما د . محمود سالم المدير الفنى لوزير قطاع الأعمال سابقا فيرى انه لا جدوى من آلية البيع من خلال البورصة فالمتبقي من الشركات التابعة لقطاع الإعمال العام يتأرجح ما بين الخاسر والمتعثر ولا يمكن أن يتم طرح شركة فى بورصة الأوراق المالية بان تكون تحقق أرباحا لمدة سنتين متتاليتين فضلا عن النظرة المستقبلية للشركة وبعض المؤشرات المالية المهمة منها القدرة على التطوير والمنافسة فى السوق وغيرها من العوامل التى تحدد سعر السهم وهذه الشروط لا تكاد تنطبق على شركات قطاع الأعمال العام ولعل أهم عقبة من العقبات هي الإدارة فقد تكون لدى الشركة الإمكانيات الجيدة ولكن بسبب فشل الإدارة يصعب تحقيق أرباح وتدخل الشركة في دوامة التعثر أما عمليات التطوير التي شهدها برنامج الخصخصة فلا تتعدى كونها عملية قص ولزق ولم تجد عمليات التطوير وضخ الاستثمارات التى تم ضخها للشركات أى جدوى.
ويرى د . سالم إن الشركات التي لا تحقق جدوى اقتصادية لابد من تصفيتها بعد توجيه العمالة في شركات أخرى والشركات ذات الجدوى الاقتصادية التى يتم بيعها لمستثمر رئيسي هو بدوره يقوم بضخ الاستثمارات وتوجيهها بما يحقق العائد الاقتصادي الجيد مع معالجة المشكلات الناتجة من البيع لمستثمر رئيسي وضمان عدم تكرارها بتامين حقوق العمالة والحفاظ على الأصول غير المستغلة.
ويقول د . بهاء رأفت رئيس إحدى شركات الملابس إن إصلاح قطاع الغزل والنسيج يتطلب جهود مشتركة حتى فى حالة البيع فانه لا يمكن لمستثمر بمفرده أن يقوم بتطوير وإصلاح شركة غزل لاسيما أن أكبر الاستثمارات فى هذا القطاع تكون فى قطاع الغزل والنسيج فقطاع الملابس هو الأقل تكلفة وعن طريق الكونسورتيوم المشترى للشركة يتم إصلاح الشركة ولكن إذا ظلت الشركات بحوزة قطاع الأعمال العام دون إيجاد حلول لمشكلاتها الحقيقة المرتبطة بالقطن أو غيرها من الشركات وظل السبب الوحيد للإبقاء عليها هو استمرار حصول العاملين على مرتباتهم فلن يؤدى ذلك إلى أى تحسن فى هذا القطاع فلابد إلى جانب حقوق العمالة حماية الصناعة أيضا ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال ضخ استثمارات سواء كانت من الدولة أو من مشاركة القطاع الخاص مع معالجة المشكلات المالية والفنية فى الشركات وبالتالى تضمن حمايتها والإبقاء عليها فالمعالجة الحقيقة لشركات الغزل والنسيج تتم عن طريق المستثمر الرئيسى وان تقوم الحكومة بهذا الدور.
أما عيسى فتحى رئيس مجلس إدارة شركة الإستراتيجية لتداول الأوراق المالية فيرى إن آلية الطرح للشركات التابعة لقطاع الأعمال العام لن تحقق النجاح المطلوب وهناك تجارب لحصص تم طرحها من شركات قطاع أعمال عام لم تحقق نجاحا منها عندما تم طرح حصة جديدة من سهم شركة مصر للألمونيوم وفشل الطرح لان السعر كان مبالغا فيه من وجهة نظر الكثيرين وبالتالى فان أى تجربة جديدة فى هذا المجال يشوبها الكثير من المحاذير من فشل الطرح وفى ذات الوقت لا يمكن طرح حصص جديدة من سهم متداول بأقل من سعر تداوله لان ذلك يضر بالسهم الحالى.
ويرى فتحى إن المشكلات السابقة أدت إلى عزوف الكثيرين وزاد – خاصة – من مخاوف المستثمر الصغير الذى قد يجد نفسه عرضه للتاآمر او للنصب ومن ثم لابد من إعادة الثقة لدى المستثمر فى هذه السوق ويتم ذلك بالمزيد من الشفافية والإفصاح سواء من جانب الشركات والبورصة وتشديد الرقابة على اى عمليات يشوبها تلاعب من جانب المتعاملين وكل ذلك يزيد من كفاءة السوق ويرفع حجم التداول.
ويؤكد عيسى إن المستثمر الذى خرج بسبب الخسائر سوف يعود قطعا إذا وجد ارتفاعات مرة أخرى لاسيما أن نسبة كبيرة من جمهور المتعاملين تعتمد على الأرباح الرأسمالية المتحققة من فرق سعر البيع والشراء ولا تعتمد على الكوبون الدورى ومن ثم فان إنعاش السوق هو الخطوة الداعمة لنجاح أى طرح جديد لاسيما القطاعات الواعدة مثل الاتصالات أو البترول أو الكهرباء.
وترى د . عنايات النجار خبيرة أسواق المال نجاح الطرح يتوقف على من يدير الشركة بعد البيع فالشركة الناجحة هى التى تدار بكفاءة وهناك أمثلة لشركة كانت تحقق أرباحا ثم بسبب الإدارة تحولت لخاسرة ومنها الإنتاج الإعلامي فسهم الشركة تم الترويج له بصورة كبيرة واندفع المستثمرون للاكتتاب فيه ثم بعد ذلك سجلوا خسائر متتالية ومن ثم لكى تتم معالجة تلك السلبيات لابد أن يتم الترويج عن الإعلان بشافية وعن كل المعلومات الخاصة بالشركة وعن أعضاء مجلس الإدارة وسابقة الخبرة للمجلس وأعضائه بحيث تضمن استمرار نجاح الشركة وان اعتبارات الكفاءة هى اعتبارات الاختيار وليس اعتبارات أخرى .
وتضف د . عنايات قائلة إن قطاع الغذاء من القطاعات المهمة والجاذبة فلماذا لا يتم طرح أسهم هذا القطاع مع الإبقاء على ضوابط خاصة بالملكية ويحصل الشعب على جزء من الأرباح المحققة من هذا القطاع.أما مصطفى بدرة العضو المنتدب لشركة ثمار لتداول الأوراق المالية فيرى إن الشفافية فى طرح المعلومات عن الشركة وتوعية المستثمرين الكافية وتفعيل الرقابة على العمليات فى البورصة وهى ما تضمن كفاءة السوق وناجح أى طرح فالثقة المفقودة أو الضعيفة لدى المتعاملين فى البورصة لا يمكن إعادتها إلا من خلال إحكام الرقابة على التلاعبات وضمان الشفافية فى كل التعاملات التى تتم فى سوق التداول وكذلك الرقابة على عمليات التسوية اليومية لعمليات البيع والشراء.
المصدر: الأهرام الإقتصادى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق