الجمعة، ١٩ نوفمبر ٢٠١٠

مقالي في جريدة العالم اليوم بتاريخ 9 نوفمبر 2010


نافذة على أسواق المال
ما هو السبب وراء تخلف البورصة المصرية عن ركب التعافي في البورصات العالمية سواء المتقدمة او الناشئة؟ (2-2)
خسائر السوق الأمريكي خلال الأزمة المالية العالمية تعدت الخمسين بالمائة مقارنة بخسائر تعدت الستين بالمائة في أسواق كل من تركيا والبرازيل والهند في حين أن خسائر السوق المصري فاقت نسبة السبعين بالمائة، حين قدم عام 2009 حمل في طياته انفراجة في الأداء وتعافي على مستوى المؤشرات وتواصل ذلك التعافي خلال العام الحالي (2010) واستطاع السوق الأمريكي أن يسترد قرابة 62% مما خسره خلال الأزمة العالمية فيما كانت نسب التعافي في السوق الهندي والبرازيلي تدور حول نسبة 95% فيما تخلف السوق المصري وراء هذه البلدان "المتقدمة والناشئة" بنسبة تعافي "تعويض" 50% وهي النسبة التي تعادل مستوى 7700 على مؤشر البورصة الرئيسي، بالطبع ذلك ناتج عن عدة أسباب سنحاول أن نجتهد في كشف الغطاء عنها في عدة نقاط.
على المستوى السياسي.. كان الحراك السياسي -وما جره من بروز قوى جديدة على المسرح السياسي وماتبع ذلك من حديث حول استحقاقات سياسية مثل الإنتخابات التشريعية والرئاسية وكذلك غموض ألية انتقال السلطة عند البعض- هو المحرك لمؤشر المخاطر السياسية عند إتخاذ قرار استثماري مما أدى إلى أن تؤثر على قدرة المستثمرين على تحمل مخاطر بناء مراكز مالية متوسطة وطويلة الأجل، وهو ما يعني إرتفاع علاوة المخاطر.
على مستوى مناخ الإستثمار.. ظهرت عدة معوقات منذ بدايات عام 2008 ويمكن للقاريء أن يستدعي من ذاكرته مشروع أجريوم للبتروكيماويات والذي كان من المزمع إقامته في رأس البر وتحت ضغوط شعبية وإجتماعية تراجعت الحكومة عن تلك الإتفاقية وتم إلغاء المشروع من رأس البر ثم قرارات مايو2008 –الشهيرة- وتبع ذلك زلزال الأزمة المالية العالمية مما أدى إلى إهتزاز الثقة عند بعض المستثمرين وتراجع الإستثمار المباشر عن معدلاته المرتفعة المسجلة في العام المالي 2007-2008.
على المستوى الإقتصادي.. مؤشرات الإقتصاد الكلي تميزت بشيء من الثبات خلال العاميين الماضيين ويمكن ملاحظة ذلك من ثبات نسبة الفائدة وثبات نسبة النمو الإقتصادي ما بين مستوى 4% و5% وإلى حد ما ثبات مستوى العجز في الموازنة.
على مستوى الشركات المقيدة بسوق المال.. عانت أكثر من شركة من مشاكل قانونية في أكثر من ناحية مثل شركة طلعت مصطفى في قضية السيد هشام طلعت مصطفى وكذلك القضية الأهم لشركة طلعت مصطفى وهي قضية أراضي مدينتي وهي القضية التي ألقت بظلالها على قطاعات عدة في الإقتصاد المصري مثل القطاع السياحي والصناعي والخدمي وإن كان القطاع العقاري وما ينضوي تحته من شركات كبيرة وصغيرة من أهم تلك القطاعات، وكذلك نزاعات شركة أوراسكوم تليكوم مع شركة فرانس تليكوم حول شركة موبينيل وما إستغرقه ذلك النزاع من وقت حت تم التوصل الى اتفاقية لحل النزاع بين الشركتين المتنازعتين ، ونزاع شركة أوراسكوم تليكوم مع الحكومة الجزائرية حول شركة جيزي وهو نزاع يرقى لأن يكون أزمة لما تمثله شركة جيزي من وزن نسبي كبير في شركة أوراسكوم تليكوم وهو نزاع لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه، وهنا قد ينظر المستثمر "الأجنبي أو المحلي" على كيفية إدارة الشركة لتلك الأزمة ومدى قدرتها أو نجاحها على ادارة الأزمة للخروج منها بنجاح أو بأقل الخسائر، رؤية المستثمر لكيفية إدارة تلك الأزمة تؤثر بالطبع على قراره الإستثماري وهو ما يضيف أو يخصم علاوة مخاطر –يتأثر بها سهم الشركة - بناء على كيفية إدارة تلك الأزمة من قبل الشركة .
على مستوى السيولة.. لا يخفى على الكثيرين تراجع مستوى السيولة في السوق المصري "سوق الأسهم" عن مستوياتها المعتادة قبل الأزمة وهو ما يعزوه كثير من المحللين إلى وضع الترقب وانتظار كثير من المستثمرين أن يتخذ السوق مسارا صاعدا ليزيد من شهيتهم لتحمل مزيد من المخاطر عن طريق بناء مراكز جديدة، وأضيف على ذلك تراجع وزن السوق المصري "الأسهم على وجه الخصوص" في محفظة صناديق الإستثمار الموجهة الى الدول الناشئة، وتوجه كثير من صناديق الإستثمار والمؤسسات في أخر سنتين إلى أسواق النقد ذات العائد الثابت والمخاطر القليلة، ومن الجدير بالذكر هنا أن البعض من المستثمرين والبعض من المحللين يلقي باللوم على الإكتتابات ويحملونها السبب الأكبر في جفاف السيولة وهي وجهة نظر تستحق التقدير ولكنها في إعتقادي تناست أن أسواق المال هي أحد المصادر المهمة للتمويل ومساعدة الجهات الطالبة للتمويل على الإستمرار في أنشطتها الإستثمارية والمحفاظة على نسب النمو.
تبدوالنقاط السابقة من الوهلة الأولى أنها سلبية – وهي كذلك حتى الأن في تأثيرها على سوق المال في مصر – ولكنها في نفس الوقت تحمل في رحمها فرصة ذهبية لسوق الأسهم في مصر للإنطلاق واللحاق بركب التعافي عند حلها، فالعمل على حل تلك النقاط أو معظمها قد يساهم في عودة تدفق رؤس الأموال "المصرية والأجنبية" بإتجاه سوق الأسهم في مصر - لإقتناص الفرص - ومن ثم تعويض ما فاته من ركب التعافي في البورصات العالمية.
ابراهيم النمر
ielnemr@gmail.com










ليست هناك تعليقات: